السلام عليكم...
--------------------------------------------------------------------------------
في يوم و في ذات مكان...المسكين في أرض الصخب
كان المسكين يسكُن أرض الصخب ولكن بقلبه الصغير و بحُبه الكبير و حُبه للمكان لم يلتفت لسُكان مدينته
ولم يكُن يُضايقه صخبهم ولعبهم ومع مرور الوقت بدأ يحس بأن هُناك أشياء تُضايق قلبه البريء وفي العديد
من المرات كان يُحاول التدخل ليُزيح تلك المشاكل والمنغصات ولكنه أيقن أن كُل يوم يعيشه سيرى نفس
الوجوه و نفس الملامح من تلك الأرض و سُكانها ...ولكن المسكين ألف العيش معهم والتعايش , وفوق كُل
هذا بدأ يرسم لنفسه ملامح البقاء , فكان يجتهد ليُزيح كُل العراقيل من أمامه و يمد خيوط الود والحُب و
كل يد تمتد له بالخير كان يُبادلها بنفس الفعل بل أكثر طيبة وإخلاص و قد ركن المسكين لهذه العيشة و غدا
واثقاً بطيبة قلبه و أن كُل هذا مصيره للزوال و ان يأتي يوم لهذه الأرض وتطرق السعادة أبوابها ويملئ النور
أركانها , لأن هناك من أهلها من هُم عطوفين مرحين طيبين و بُسطاء ولكن كان الضجيج يحجبُ نورهم و
طيبتهم...
وبعد مرور السنين تجرأ على المسكين أحد أهل الشر والصخب فدخل معه بنقاش عادي...و هُنا تحرك أحد أباطرة
المكان الصاخب و أرض الصخب والذي كان يعرف المسكين في كُل تلك السنين و أيضاً يعرف جهوده التي بات
يعرفها القاصي قبل الداني و لكن هذا الحاكم من الحُكام التسعة الأخرين كان أشرهم و أكثرهم بطشً وعبث و قد
كانت له جدور ضاربة في الشر بالرُغم من أنه كان يصطنع الطيبة او يُحاول إرتداء لباسها و لكن هيهات فرائحة
ظُلمه تجاوزت الأرجاء و بات من المُستحيل العيش معه...وفي هذه المرة كان المسكين الذي يُغذي تلك الأرض
بكُل مافيها من دمه و وقته وجهده لأنه كان يحس أنها مكانه الطبيعي...ولكن هيهات هيهات أن يكون للمساكين
من أمثاله نصيب أو يكون لهم صوت في أرض الضجيج والصخب...
وفي تلك اللحظات وبعد إرتفاع النقاش تدخل الحاكم بمعية ذلك الشرير ...لا غيره ليُزيح أحد معاقل المساكين
بعقابه للمسكين
بعقوبة ال20 سنة أو أكثر وكانت مُكبلة بالقيود والظُلم المُر وصفحة بل خنجر لم يستطع المسكين تحمله فبات ينزف
من شدة الطعنة و بدأ يترنح من تلك النظرة الجهولة لشخصه من ذلك الحاكم الظلامي...
و لكن المسكين تذكر أن له عروق طيبة وكرامة تُرفرف حد السماء وقام وإستنهض مافيه من قوة و عاهد نفسه أن لا
يدخل تلك الأرض مادام حاكم الظلام فيها ومادامت راياته الحمراء تُرفرف والكُل يخشى صوته و ظُلمه إلا القليل
الذين تعودوا على جلاداته ولكنهم لم يستسلموا وفظلوا البقاء والمقاومة...
ومن هُنا قرر المسكين مغادرة الأرض مُتأسفً و مُتحسراً لِما سيأول له حال العباد هُناك في حضرة الظالم الحاكم
بعد ان قطع العهد على نفسه ترك ورائه احبائه الذين بحثوا عنه و أصدقائه الذين يعرفون قيمته ولم ينسوا يوماً
عطفه وكرمه ومواساته و خوفه عليهم ولم ينسوا قلبه الطيب أبداً...وظلوا يبحثون عنه حتى وجدوه كما تركهم
يرفع قناديل المحبة و يُنير كُل أرض يمر بها ولا يزرع إلا خيراً و يُؤلف بين القلوب الصادقة التي تحتاج لتوجيه
ويُنادي للأخوة في كُل مكان بعيداً عن الشحناء والبغضاء...وما زالت رحلة المسكين من أرض الصخب ( أرض
السعادة السابقة) مستمرة ومازالت لعناته تُصيب الحاكم بين الفينة والأخرة وتقض مضجعه في كُل حين...
ـ
بقلم.