ها هي الشمس تلقي أشعتها الذهبية في الأرجاء، نعم إنها الشمس التي لم يرها منذ زمن ليس بالقصير، إنها الشمس التي لا تغيب هناك في الوطن، بينما هنا لا شيء سوى الجليد.
وقف مشدوها أمام نافذة حجرته الصغيرة يترقب منظر الشمس و هي تنشر نورها في هذا المكان الموحش.
هذا المنظر الرائع ذكره بالوطن، بالأهل، بالأصحاب و بالحب ...
تذكر أبوه، ذلك الفلاح الفقير الذي يقضي يومه يجوب الحقول و المزارع بحثا عن لقمة العيش...
تذكر أمه التي لا تفتئ تغدق عليه و إخوته بحنانها الفياض...
تذكر أخوه عادل و حلمه بترك الوطن بحثا عن متنفس جديد
تذكر حبيبته ندى التي تركها و الدمع لا يفارق محياها البريئ...
تذكر الوطن، بكل ما تحمل الكلمة من معنى..
و ما هي إلا هنيهات حتى اختفت هاته الشمس وراء الغيوم الرمادية المقتربة من السواد، لكن الدفئ أبدا لم يرحل.
تذكر كيف أنه هناك في الوطن، كان يرتعد بردا كلما أمطرت السماء.
تذكر كيف كانت الأمطار تغمر منزل أسرته القديم.
تذكر كيف كان يرتعد بردا و هو داخل السجون، و هو الذي من اجل كلمة الحق تنقل بين كل سجون البلاد.
تذكر كيف أنه في نفس الوقت أبناء الأغنياء كانوا ينامون و هم محاطين بالدفئ، فأيقن حينها أن هذا الوطن يحتاج إلى أكثر من شمس في الأعالي .
ت
دمتم في أمان الله و رضوانه